جرأة قلم /دار السلام علي /(الردم)!

الردم هي كلمة أظهرتها مواقع التواصل الاجتماعي وباتت كثيرة الاستخدام والتداول على مستوى “القروبات”، وتعني السخرية أو التقليل من شأن أحد ما أو (التريقة)، وفي أحايين أخرى تعني كثرة الكلام كأن يُقال لك: (والله الزول ده ردّام خلاص)، أي أنه كثير التحدث بشكل سلبي.
والكلمة رغم أنها حديثة الاستخدام إلا أنها قديمة (يعني من زمان شديد) كانت حكراً فقط على التعليقات في المنشورات الخاصة أي بين الأصدقاء، كأن يسخر أحدهم ممازحاً صديقه على منشور قام بنشره وحينها يذهب إلى صديقه الآخر ويقول له “والله الليلة ردمت صاحبك ردم”. والله جد!
ولكن الآن مع ظهور بعض القروبات خصوصاً “فيس بوك” وظهور ما يسمى باللبيس السوداني والاكيل السوداني والسميع السوداني… وهلم جرا، بات  استخدامها (موحشاً) وبالرغم من أن القروبات أنشئت من أجل اكتساب الخبرات وتبادل الأفكار والاستشارات.
فمثلاً في قروب اللبيس السوداني كانت فكرته بأن يعرض كل شخص ملابس ويقوم الآخرون بإعطاء رأيهم فيها فيما يخص تناسق الألوان والشكل، ولكن ذهبت بعض المنشورات بعيداً وأصبحت الغالبية تعمل بمبدأ اغتيال هدف القروب، وابتعد البعض عن الهدف وأصبح التصويب في قلب المنشور أي الشخص الذي قام بنشره ويحرص عندها (الرادمون) على اختيار كلمات مسيئة وهازمة لصاحب المنشور. وأذكر هنا منشور أحد الشباب في عمر صغير وكان (سميناً) بعض الشيء وبمجرد نشر (البوست) الذي دعمه بصورته مرتدياً (لبسة سمحة) وختمها بالكلمة التي باتت تصاحب كل المنشورات (بتتجازف يا جماعة) حتى انهالت عليه (حجار) التعليقات والتي ردمت إحساسه البرئ، فالغالبية ركزوا على وزن الشاب وعدم تناسق جسمه (وردموه) حتى أشفق البعض عليه وتولى بعضهم الدفاع عنه، ولكن كانت السخرية والاستهزاء قادرة على كسر قلب ذلك الشاب الصغير. تخيل!!
لا أدري هل أصبحنا مجتمعاً نهوى ممارسة (الردم) بصورة تجعلنا نخرج من الحد المسموح به، والتعالي على بعضنا ونحن ممسكون بمشرط حاد نقطع به مبادئنا وقيمنا السمحة ونقلل من شأن الآخرين تحت مظلة الردم البرئ، أي أن ما نعلق به من كلمات غير لائقة في منشورات الآخرين كانت من أجل المتعة والحصول على بعض اللايكات الزائفة وهل ندري حجم الوجع الذي تسببه تلك الكلمات المقصودة أو غير المقصودة بالآخرين؟
أذكر أن صديق صديقي حكى لي ذات ونسة أنه كان يجالس أصدقاءه ذات كباية قهوة ويتبادلون أطراف الحديث في مواضيع تخصهم، فعلق أحدهم بتعليق لصديقه في بوست فتاة مشتركة الصداقة بينهم على الفيس بوك، وأضاف ذاك الراوي أن جميع مَن بالجلسة تصنتوا الحديث حتى آخره وبدأوا يردمون صديقهم و(يتريقوا) عليه، وأنه واقع بغرام تلك الفتاة وبدأت مقاطع من (المكاواة والتشغيلة) على حد قولهم. وفجأة أتى شخص آخر وانضم إلى جلستهم وقبل أن يشرحوا له ما دار باغتهم بسؤال “كدي وروني مَن الرادم ومَن المردوم قبال أجيب بنبري وأجي”. والله جد.
ما يحدث في بعض القروبات من تعليقات قد تكون بحسن نية، إلا أن وقع جرحها أشد قسوة على البعض. وهناك أشخاص رقيقي القلوب ودرجة حساسيتهم عالية، ويمكن لتلك التعليقات السالبة أن تخلق جرحاً كبيراً بداخلهم.
دعونا نكون سنداً ودعماً حقيقياً لبعضنا بعضاً، فالآن نحن في أشد الحاجة لأن نستند إلى بعضنا فما ينتظرنا كثير ونحتاج إلى أن نتكاتف ونكون يداً واحدة لتخطي الصعاب.
*جرأة أخيرة
(أوع من الردم)!

شاهد أيضاً

مشاهدات وانطباعات يكتبها : خالد ساتي … مزاج سوداني 

الشروق نت  مزاج سوداني الدائرة الضيقة التي سجنت خيال البرامج الغنائية لسنوات متطاولة لم تشفع للقنوات …