وثق مقطع فيديو تداوله العديد بكثرة الأيام الماضية تفاصيل معركة حقيقية احتضنتها قاعات الدرس باحدي المدارس الثانوية بالخرطوم ، و يظهر في الفيديو مشهد لمعلم أثناء الحصة يقوم بمعاقبة طالب بصورة وحشية وأسلوب غير لائق حيث قام المعلم (إن كان معلما حقا) بركل الطالب بوحشية وضربه على كتفه ومن ثم ركل الكرسي الذي يجلس عليه الطالب وكل هذا أمام زملائه الطلاب وداخل قاعة الدرس ، ليست هذه الحادثة الأولي لغرابة تصرف بعض المعلمين فمنذ فترة انتشر فيديو لاشتباك بالأيدي بين طالب ومعلم تحول فيما بعد إلى عراك حقيقي واستخدام اسلحة بلاستيكية (اقصد كرسي بلاستيك) ويبدو من المقطع الذي قام بتصويره أحد الطلاب أثناء الحصة اليومية بأحد قاعات الدرس (ركزوا في الدرس دي) والتي لا نعلم سبب حدوثها يبدو واضحا إن العراك نشب بعد مشادة كلامية بين المدرس والتلميذ بسبب ما (والله جد)!
قام المعلم بمهاجمة طالبه بصورة غير لائقة وغير محترمة فالمعلم يعني أن يكون في مكان قدوة للجميع ويعلمهم اشياء كثيرة أكاديمية وتربوية وأخلاقية ولكن يبدو أن هؤلاء المعلمين خرجوا من سياق العلم الأكاديمي إلى تعليم علم اخر (ربما تعلم القتال) وذلك عندما قام الاخير بصفع طالبه ب (كف) على خده ومن ثم ضربه في جسده بيده قبل أن يرد عليه الطالب أيضا بأسلوب غير محترم وغير لائق ولكن انا لا احمل الطالب كل اللوم فهو بتعلم من معلمه كل شئ فالمعلم هنا مكان للقدوة والتقليد فقد يتشبه كثير من الطلاب بمعلميهم
ولكن بغض النظر عن اي شئ مالذي يمكن أن يوصل معلم يفترض أن يكون قدوة للجميع إلى هذه الدرجة ؟ ولماذا يتعامل بعض المعلمين مع تلاميذهم بصورة تعكس حجم المعاناة وتبرهن لماذا نحن في الدرك الاسفل من الفشل ، ولماذا تحولنا إلى أمة يعم الجهل فيها حتي بين أطياف المتعلمين والمثقفاتيه ، ولماذا تحولت اخلاق بعد الطلاب إلى تدني استطاع فيها التلميذ رفع يده على معلمه ناهيك على أن يرفع عينه (كان زمان ) الم يقولوا أن المعلم كاد أن يكون رسولا ، اين هو التبجيل واين هو التقدير والاحترام ؟ واين هي قدسية التعليم والمدارس ؟وهل هذا من التربية والتعليم (مهما كان الذي دفعه لفقد اعصابه) وكيف سمحت إدارة المدرسة لطالب حمل هاتفه داخل الفصل الدراسي لدرجة أن يستخدمه في تصوير الخلاف الذي نشب بينهم؟ واين هو دور الأسرة وهي ترى أطفالها يخرجون صباحا للمدرسة برفقة هواتفهم المحمولة!
غالبية الحوادث والأحداث الغريبة تحصل داخل أروقة المدارس الخاصة ، لاعتبارات كثيرة ، فقد تحول التعليم إلى تجارة رابحة والمال هو سيد الموقف والمتحكم الوحيد في المعلم والمدرسة وإدارتها ، فقد بات بعض أولياء الأمور ميسوري الحال يعتقدون أن بدفعهم ملايين الجنيهات أنهم اشتروا المعلم والمدرسة حتي تسرب هذا الشعور للطلاب الذين أصبح كثيرا منهم لا يقدرون المعلم وبتجاوزون مبدأ احترامه ووضعه في خانة رسول العلم ، وللأسف هناك كثير من المدارس الخاصة تعلي شأن الطالب وذويه على أساتذتها حتي وان كان الطالب في موضع الخطأ ولكن لأن والده يعتبر (نقاطه) للمدرسه فقد يمكن ان تتخلي الإدارة عن أحد أعضاء تدريسها فقط من أجل الجنيهات المتمثلة في طالب ثانوي أو بمرحلة الأساس (تخيل)!!
وللاسف الشديد فإن استراتيجية وزارة التربية والتعليم تؤيد انتشار المدارس الخاصة التي باتت تستشرى كالسرطان في ولاية الخرطوم وغيرها على حساب المدارس الحكومية ، واذكر قبل سنوات كنت قد أجريت حوارا صحفي مع وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم د عبد المحمود النور آنذاك وأكد في رده على انتشار المدارس الخاصة بأن الوزارة لا قدرة لها على الصرف الحكومي للمدارس وأنها تؤيد اتساع رقعة المدارس الخاصة لأنها لا تملك الميزانية لسد حاجة المدارس الحكومية هذا غير أن الوزارة تؤيد انتشار سرطان المدارس الخاصة بسبب أن لها نسبة من إيرادات اي مدرسة خاصة سنويا وبالتالي هي لا يمكنها قطع الوريد الذي يسري فيه المال لقلب خزينتها (والله جد)!!
ولكن أن كان هذا الهدف من انتشار المدارس الخاصة فهناك اثار سلبية لهذا الانتشار ، الا تعلم وزارة التربية والتعليم حجم الطلاب الذين باتوا يتعاطون المخدرات داخل أروقة المدارس ، ام أنها غافلة عن مشاهدتهم للافلام الاباحية وهي تسمح لهم بالدخول بهواتف ذكية ، فهي بالتأكيد لا تدري عن ظهور فتيات يقمن بالترويج للفاحشة لزميلاتهن وكل ذلك يحدث داخل الحرم المدرسي وان كانت هذه الحوادث لا ترقي لأن تصبح ظاهرة ولكن يصعب نكرانها وأنها موجودة وبكثرة ، يجب على وزارات التربية والتعليم ولائية كانت أم اتحادية أن تعيد للتعليم والمعلم هيبته وأن تضع لوائح وقوانين صارمة للمدارس الخاصة ، وان تعلى من شئن المعلم الحكومي حتي تعود هيبة التعليم الحكومي ، كما أطالب وزارة المالية بزيادة الصرف على التعليم والاستجابة لكل مطالب لجنة المعلمين السودانيين لأنها واقعية وتصب في مصلحة التعليم، فكل التدهور الذي يحدث الآن سببه الاول والاخر تدهور التعليم والبيئة التعليمية فبالعلم وحده يحي الإنسان وبالعلم فقط تنهض الحضارات وتحيا الأمم
جرأة قلم
هل باتت قاعات الدرس بالمدارس حلبة للمصارعة ومات فيها الاحترام !