جرأة قلم/ دارالسلام علي

صرخة ششر !

 

دار ششر واحدة من ضمن العشرات من الدور التي تعنى برعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية في العالم، تم انشاؤها في العام 1973 بمبادرة من بعض قيادات المجتمع السوداني شراكة مع السفارة البريطانية في ذلك الوقت، زرتها منذ سنوات حين مبادرة أطلقها أصدقاء ذوي الاحتياجات الخاصة لصيانة وتأهيل الدار، وأذكر حينها الأعداد الكبيرة التي ظلت تعمل كالفراشات داخل الدار بكل جهد وحب، وقد تحولت الدار بعد يومين إلى جنة فرحوا بها الكبار قبل الصغار، الدار تأوي عدداً كبيراً من الأطفال وأسرهم خاصة القادمون من خارج ولاية الخرطوم أو المناطق الطرفية لتلقي العلاج مجاناً، فهي كانت عبارة عن منظمة حسب تأسيسها الأول، ولها أعداد كبيرة من المتطوعين والمبادرين والخيرين تتفقد الأطفال واحتياجاتهم كل فترة، ولكن قامت الإدارة – بحسب بعض الأسر – بفرض رسوم على كل الخدمات المقدمة داخل الدار حتى العنابر ما أدى إلى خلق مشاكل إدارية ومالية أدت لإغلاق الدار أو التوقف الكامل عن تقديم الخدمات التي كانت تقدم، وبهذا توقفت حياة العشرات من الأطفال وانتهت رحلة تعليمهم وتأهيلهم بكل بساطة (والله جد)!
قامت مجموعة من أصدقاء الدار وأسر الأطفال المتضررين بتنفيذ وقفة احتجاجية أمام مفوضية العون الإنساني الاتحادي بالخرطوم منذ أيام وقدمت المجموعة مذكرة طالبت فيها بإيقاف اللجنة القديمة بالدار وإعلان لجنة تسيرية جديدة لانعقاد جمعية عمومية جديدة خلال فترة زمنية محددة، وتوفير الخدمات والعمليات والمعينات الحركية للأطفال وتوفير العلاج الطبيعي لهم، فضلا على توفير إقامة للأطفال والمرافقين داخل الدار لحين إنتهاء فترة العلاج.
كل هذه المطالب تعتبر مشروعة وليست صعبة التنفيذ ولكن ماذا فعلت الجهات المختصة، قامت فقط بضرب تلك المطالب بعرض الحائط وكأنما تقول لهم (بلوها وأشربوا مويتها) تخيل!
دون أدني اكتراث لأهمية تلك المطالب لطفل معاق حركياً يعتبر ششر داره للعلاج والتعلم والتأهيل، ودون معرفة حساسية الخدمات التي يقوم بها هذا المرفق المهم، ودور هذه الخدمات في علاج الأطفال ذوي الإعاقة، ودون أن تعرف أنها بتلك الفعلة الشنيعة تحرمهم من حقهم في عيش حياة طبيعية كغيرهم من أقرانهم وتلقي تعليم وتأهيل ورعاية وعلاج، ولا حتى أن تدرك مدى خطورة إيقاف العلاج بصورة مفاجئة لهؤلاء الأطفال، وتهدم رحلة علاج طالت أيامها وشوهت أحلام أمهات يرين شفاء أطفالهن أمامهم في رحلة مليئة بالسهر والكدر والتعب ومليئة بدموع الفرح والحزن معاً، ودون اكتراث لنسف مجهود أطباء لسنين وهم يتتبعون خطوات لمساتهم الطبية الحثيثة لسنين، كل ذلك ذهب مع الرياح وكأنه رماد نثره تجاهل المسؤولين لتلك الدار (والله جد)!
جرأة أخيرة
أيها السادة في مفوضية العون الإنساني هل أنتم تدركون ماهو العون الإنساني أولًا وقبل كل شئ؟ أيها السادة في وزارة الرعاية الإجتماعية أظن أن عليكم تغيير مسمي الوزارة فلا وجود لها على أرض الواقع ولكنها عبارة عن مسميات لوزارات بعيدة كل البعد عن الرعاية والمسؤولية الإجتماعية ومجرد أعباء إضافية للدولة، بالله عليكم كيف لكم السكوت والصمت وهؤلاء الأطفال فاقدي الحركة تحطمت أحلامهم بعد إغلاق الدار وفقدوا بوصلة الأمل مع كل يوم يمر وهم يرون أبواب الدار مغلقة في وجوههم، أرجوا أن يتم النظر في قضية ششر بعين الاعتبار وأن تنفذ مطالبهم المشروعة.

شاهد أيضاً

مشاهدات وانطباعات يكتبها : خالد ساتي … مزاج سوداني 

الشروق نت  مزاج سوداني الدائرة الضيقة التي سجنت خيال البرامج الغنائية لسنوات متطاولة لم تشفع للقنوات …