مواصلة للمقال الأول بعنوان: “قونة لكل مواطن” الذي نشر قبل يوميْن، وبناءً على تعليقات الكثيرين حول المقال والظاهرة القونية وانتشارها كالنار في الهشيم، سأكتب مرة أخرى عن اتساع دائرة الغناء الهابط والبذيء شكلاً ومضموناً.
فبعض كلمات تلك الأغاني تخدش الحياء وتجعلك تموت خجلاً عندما تصطدم بها أذناك عند مرور إحدى الركشات من جانبك، والأمرُّ من ذلك أن هذه الأغاني يتداولها الكثيرون بشكل كبير وعادي جداً دون استحياء، والأمرُّ من كلِّ هذا والذي (يهرد الفشفاشات) أن بعض مبذري المالِ من البلهاء يقومون بإمطارِ الكثير من النقود والدولاراتِ على أثداءِ ورؤسِ تلكم القونات وهنَّ يتمايلنَّ هبلاً ويتراقصنَّ بأجسادِهنَّ الضخمة يميناً وشمالاً (تخيل)!
أعتقد أن ما ساعد في انتشار “الحالة القونية” التي استشرت في السودان كالسرطان، هي “النقطة”، فالغالبية يودون الوصول لأعلى درجات الغنى دون اجتهاد يذكر، وأذكر هنا إحدى صديقاتي التي كانت كل مرة “ذات فلسة لها” تقول إنها ستتّجه لطريقِ القونات الذي على حدِّ تعبيرها أسرع وأسهل الطرق كي تصبح شهيراً غنياً، وكانت كل مرة تقول لي “هي كلها باروكة وحبة حركات والباقي تميهو تعال يا فلان وتعال يا علان وتجيبوه لي). تأكدت الآن أن حديثها كان صحيحاً، فما يظهر من فيديوهات ترويجية لقونات فاقدات الصوت والكلمات يؤكّد ذلك (والله جد)!
وأعتقد أنها فعلاً تحولت لظاهرة، إذ لا يمر يوم دون ظهور مقطع ترويجي لإحداهن عارضة جسدها وصوتها الذي يشبه صوت مكنة (بص الوالي)، تنادي فلان وشيخ علان، وأرى أن اتحاد الفنانين قد صمت طويلاً لتتمادى مثل هؤلاء العناكب الجبلية والماروكات واللائي يُزيلنّ أسماءهنَّ بالمناطق، وذلك الذي (ينبح كالكلب وجر وهو)، وغيرهم من “المخلوقات القونية” التي ساعدت في تدني مستوى الأخلاق والذوق العام والوضع الاقتصادي والتفكك الأسري وضغوطات الحياة وسوء استخدام السوشيال ميديا، وعملية التحول التي حدثت والتغيُّرات الاجتماعية والاقتصادية في السودان، ولكن هل ما يحدث أمر مقصود لتدمير الأخلاق والقيم المجتمعية بصورة ممنهجة؟ الأغرب من ذلك أن تَحلَّ “القونات” ضيوفاً على شاشات قنواتنا الرسمية وكأنها بصورة ما تدعو إلى الفجور وتدني الأخلاق (مش كفاية علينا السوشيال ميديا)!
جرأة أخيرة
(نقبني ما دايرة المروق) نموذجٌ صغير من أغنية (والله جد)!
شاهد أيضاً
مشاهدات وانطباعات يكتبها : خالد ساتي … مزاج سوداني
الشروق نت مزاج سوداني الدائرة الضيقة التي سجنت خيال البرامج الغنائية لسنوات متطاولة لم تشفع للقنوات …