سعدت جداً حينما دعتني الأستاذة حنين عزو المسؤولة عن إنشاء أكبر مركز متخصص لعلاج سرطان الأطفال في السودان، لحضور حفل التدشين الأولي، وأنا أعي تماماً معنى أن يكون لك طفلٌ يعاني من السرطان اللعين، لقربي من ملف السرطان الذي أجريت عنه عدة تحقيقات وحوارات حينما كنت أعمل بالعزيزة الغالية على قلبي صحيفة “الرأي العام”، وأدرك تماماً حجم المعاناة في رحلة البحث عن العلاج، الذي غالباً تكون نهايته حزينةً جداً بسبب عدم توفر الأدوية وفقر الأسر.
فالسرطان مرض خطير جداً ويحتاج قوة مادية لمحاربته، فضلاً على عدم توفر العلاج في بعض الأحيان، وصفوف المرضى لأخذ الجرعات ومشاكل التشخيص والأجهزة التي تتعطل كثيراً بسبب الضغط عليها، وأعداد المرضي الذين يفوق عددهم الآلاف (والله جد)!
إنشاء مركز السودان لسرطان الأطفال واحد من الأحلام الكبيرة التي تحتاج منا دعماً كبيراً من الجهات كافة حكومية كانت أم خاصة، وحتى كأفراد ورجال أعمال ومغتربين، لحاجتنا الكبيرة لمثل هكذا مركز. وضعت منظمة الأمل الخيرية أولى خطواتها نحو تنفيذ المشروع، وذلك بوضع الطوبة الأولى حينما كشفت عن المشروع في حفل أنيق احتضنته صالة تارا بشارع النيل الأسبوع الماضي، وأظن أنها كانت بداية مبشرة وذلك بوجود عدد من رجال الأعمال والخيرين الذين أكدوا دعمهم ومساندتهم للمشروع. كانت الليلة حبلى بالتفاؤل والأمل رغم الحزن الكبير الذي توسد الجميع بعد معايشة الجميع قصص الألم من أولياء أمور قصف السرطان ظهورهم وأفقدهم أعز ما يمتلكون (تخيل)!
حفل التدشين المبدئي لمركز السودان لسرطان الأطفال كان أجمل ايفنت حضرته لأنه يحمل بين طياته هدفاً كبيراً ومشروعاً إنسانياً نبيلاً ينبغي أن يكون حلم أي مواطن سوداني وعلى الجميع المشاركة في إنشائه. فقد قطعت المنظمة شوطاً كبيراً وذلك بعد حصولها على أرض بمساحة عشرة آلاف متر مربع تبرع بها رجل الأعمال مأمون عبد المتعال في مدينة بتري، وكذلك تم إجراء دراسة الجدوى للمشروع والتصميم الهندسي المبدئي، وتم تصميم المبنى على إنشاء سبعة طوابق تحتوي عدداً من الغرف العلاجية وأماكن ترفيه للأطفال، وحتي أن التصميم الداخلي للمركز حسب ما عرضته الشركة المنفذة يستحق المشاهدة والدعم، فهو مصمم بصورة احترافية وأنيقة جداً يمكنها أن تقلل من ألم الأطفال وانشغالهم عن الوجع بما يحتويه المركز من رسومات وأماكن ترفيهية وألعاب.
الكُلفة المبدئية للمشروع الكبير حوالي (55) مليون دولار، لذلك يتطلب بذل المزيد من الجهود ومشاركة كل أطياف المجتمع السوداني، فالمركز في حالة اكتماله يمكن أن يستوعب حوالي ثلاثمائة سرير أي ثلاثمائة طفل يتلقون العلاج في مرة واحدة، بالإضافة إلى السكن العلاجي والتغذية والبحوث والدراسات، وعددٍ من البرامج النوعية وتدريب الكوادر، هذا غير أن المستشفى سيعتبر الأول من نوعه في السودان، فضلاً عن الخدمات التي سيقدمها من علاج شامل وتشخيص لمرضى سرطان الأطفال وأمراض الدم، لذلك أعتقد أن هذا يستحق الدعم منا جميعاً وأظن أننا بدأنا بهذا المشروع الضخم أولى الخطوات الصحيحة لبناء السودان (والله جد)!
جرأة أخيرة
إلى كل أبناء الوطن داخل وخارج أرضه ادعموا هذا الصرح العظيم فقط (عشان عيون أطفالنا ما تشوف الهزيمة)، وعشان عيون أمهات ذُقنَّ الأَمريْن.
شاهد أيضاً
مشاهدات وانطباعات يكتبها : خالد ساتي … مزاج سوداني
الشروق نت مزاج سوداني الدائرة الضيقة التي سجنت خيال البرامج الغنائية لسنوات متطاولة لم تشفع للقنوات …