“دمج الجيوش”… هل يُنفذه المدنيون؟

تقرير: محمد عبد الحميد
ما زالت قضية دمج الجيوش وتوحيدها في جيش نظامي مقاتل، همه الأول حماية الدستور والقانون والنظام الديمقراطي المدني والدفاع عن سيادة البلاد، تتصدر حسب مراقبين، أمهات القضايا التي تعرقل عملية الانتقال في السودان. وذلك بسبب سيطرة الإسلاميين على القوات المسلحة وجهاز المخابرات والشرطة، إضافة إلى تعدد جيوش الحركات. بينما لم تتم عملية (إعادة الدمج والتسريح) بها حتى الآن التي يعزوها البعض لعدم وفاء المجتمع الدولي بتعهداته المالية تجاه تلك العملية المهمة، بجانب قوات الدعم السريع التي تعمل وفق قانون خاص. ويطالب كثيرون بضرورة دمجها داخل الجيش القومي، فيما ضُمنت في الاتفاق الإطاري الموقع بين العسكر والمدنيين القضايا الرئيسة التي تحتاج للتشاور الواسع لخطورتها وحساسيتها.
تنفيذ الإطاري
تداولت الأسافير خبراً مفاده قيام قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بتشكيل لجان لتنفيذ الاتفاق الإطاري، تضمنت لجنة لمراجعة اتفاق سلام جوبا برئاسة ياسر عرمان، ولجنة لمتابعة عملية دمج الجيوش برئاسة كمال بولاد، ولجنة لمتابعة ملف وقضايا شرق السودان برئاسة طه عثمان إسحاق، فضلاً عن لجنة من أعضاء الحرية والتغيير المجلس المركزي والنيابة والشرطة والدعم السريع، لمراقبة أي انتهاكات أو عنف يصاحب التظاهرات السلمية. وسنتناول هنا في هذا التقرير موضوع لجنة متابعة عملية دمج الجيوش برئاسة القيادي بالحرية والتغيير كمال بولاد، وهل من الممكن تعيين مدنيٍّ بدون خلفية عسكرية في رئاسة لجنة فنية عسكرية؟ أم هو حديث سياسي لجس النبض وتهييج الجيش لمعرفة ردة فعله؟
الحرية والتغيير تنفي
وفي غضون ذلك، سارعت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بنفي تشكيل لجان لتنفيذ الاتفاق الإطاري، خاصة في ما يتعلق بتقويم وتقييم اتفاق سلام جوبا والإصلاح الأمني والعسكري وقضية شرق السودان، والأخيرة تحمل أبعاداً خطيرة حسب متابعين، في حال لم يتم حلُّ القضية بالسرعة المطلوبة، فيما أكد المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) جعفر حسن، في تدوينة على صفحته الشخصية بفيسبوك، أن الخبر غير صحيح كلياً، وأن هنالك حملات منظمة تستهدف التشويش على مواقف قوى الحرية والتغيير وعملها السياسي. وأعلن القيادي بالتغيير الواثق البرير في تصريحات عن مشاورات واسعة حول قضايا الاتفاق النهائي ستبدأ قريباً، إضافة إلى زيارات إقليمية للتعريف بالاتفاق الإطاري ومحاولة توسيعه وضم مزيد من القوى السياسية إليه.
الإصلاح العسكري
وقال البرير إن الاتفاق الإطاري بين المكون العسكري والقوى المدنية، يمثل مرحلة مهمة في تأسيس السلطة المدنية وبدء مرحلة انتقالية جديدة، مضيفاً أنه وفقاً للجداول الزمنية المقترحة، فإن المشاورات ستبدأ في عقد ورش ومؤتمرات حول القضايا التي تحتاج لمشاركة واسعة للوصول إلى اتفاق حول تفاصيلها، وهي العدالة والعدالة الانتقالية واتفاق السلام وتفكيك النظام السابق والإصلاح الأمني والعسكري، تمهيداً لضمها للاتفاق النهائي بنهاية الشهر الحالي. وأشار إلى أن المشاورات ستبدأ فور التوقيع على الاتفاق النهائي لاختيار رئيس الوزراء ورأس الدولة، لبدء فترة انتقالية جديدة ببرنامج عمل محدد ورؤية واضحة لإنفاذ ملفات الفترة الانتقالية خلال عامين، وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه بكامل إرادته.
تفكيك الجيش
ويرى محللون أن الحديث المتكرر حول عملية الإصلاح الأمني والعسكري هدفه تفكيك القوات المسلحة السودانية القوية تحت مظلة إنهاء وجود الإسلاميين فيها، ويتعبها تفكيك جهاز المخابرات العامة وسحب صلاحياته، وكل ذلك لصالح خدمة أجندة خارجية تريد إضعاف السودان للاستحواذ على إرادته وأراضيه وموارده لصالحها، فبدون جيش قوي وجهاز مخابرات يؤدي مهامه بكفاءة، لن يستطيع السودانيون الدفاع عن أراضيهم التي ستكون مستباحة، وربما يتم المراد بتقسيمها لدويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة.
وفي المقابل، يُشير الخبير العسكري اللواء المتقاعد د. أمين إسماعيل مجذوب، في حديثه لـ(الشروق نت)، إلى أن هنالك جسمين من الأجسام الحكومية الخاصة بمسألة إعادة تسريح ودمج القوات. وأضاف أن الأول هو مفوضية إعادة التسريح والدمج (DDR)، الجسم الذي يختص بالموازنة والعلاقات الخارجية مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية، مؤكداً إمكانية أن يرأسها مدني بتأهيل عالٍ.
ويواصل مجذوب قائلاً: (أما الجسم الثاني فهو اللجنة العليا لإعادة التسريح والدمج التي لا بد أن يكون رئيسها مدنياً ذا خلفية عسكرية، لأنه يتعامل مباشرة مع الفرق العسكرية وقيادات المناطق والقيادة العامة ممثلة في إدارة الاستخبارات العسكرية وإدارة شؤون الرتب الأخرى وإدارة شؤون الضباط). وتابع قائلاً: (وهنا يتم التمييز، بينما في الجسم الأول (المفوضية) لا خلاف في أن يكون الرئيس مدنياً ذا خلفية مدنية).

شاهد أيضاً

«هيومن رايتس» تتهم الميليشيا بارتكاب «التطهير العرقي» بدارفور

اتّهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الخميس، قوات الدعم السريع في السودان بارتكاب “تطهير عرقي”، …